الجمعة، 23 أكتوبر 2009

التجرد... مهارة متى نتقنها؟

عندما نكون وجهة نظر شخصية عن حدث ما, تتشكل آراءنا من خلال مجموعة من العوامل يمكنها أن نصنفها زمنيا بالخبرات والمواقف الشخصية و المسلمات العقائدية أو الاجتماعية (الماضي), واقع الحدث (الحاضر) وتوقع التبعات (المستقبل).

و إذا افترضنا تقارب وضوح واقع الحدث للجميع, وكان استقراء وتوقع التبعات هو نتيجة لما يسبقه, أصبحت خبراتنا ومواقفنا الشخصية العامل الوحيد المسبب لإختلاف وجهات النظر.

رغم كون واقع الحدث هو ذاته للطرفين, إلا أن هذه الوجهات قد تتباين لدرجة قد تتسبب في أزمات أو حتى تقود إلى حروب مدمرة. لا أتحدث هنا عن صراع المصالح بين الأشخاص أو الدول لأن هذا شيء آخر قد يكون حتميا في أحيان كثيرة. ولكني أتحدث عن تباين وجهات النظر الخاصة أو المؤطرة التي تقود لهذه الاختلافات ومن ثم الخلافات.

فنحن نرى كيف أن مشجعي فريقين متبارين ينظرون لأحداث مباراة بتباين يجعلك تتساءل "هل كانوا يشاهدون المباراة نفسها؟؟"

فكيف لنا أن نصل إلى أفضل تقييم مشترك لواقع الحدث رغم إختلاف مواضينا لنكوُن أقرب وجهات نظر قابلة للتناغم أكثر منها للتناحر؟؟

عن نفسي، أرى أن التجرد هو أفضل طريقة عملية قد تقودنا إلى الرقي بواقعنا وجعل مواضع إتفاقنا أكثر من إختلافنا. فكلما تجردنا من الأحكام المسبقة عند تكوين الرأي الشخصي كلما كانت آرائنا أقرب وأدعى بأن نتفق أكثر.

والحقيقة جميعنا نظن ونصرح بأننا متجردون.. ولكن ما هو مقياسنا لتجردنا..؟

أظن أن المقياس العملي للتجرد هو فهم ومن ثم تفهم أو رد وجهة نظر جميع الأطراف والنقائض.. فإذا استطعت مثلاُ أن أفهم, وإن لم أتفهم, وجهة نظر بوش في الحرب على العراق ووجهة نظر صدام في احتلاله للكويت أو شارون في صبرا وشاتيلا أو حماس في عدم تسليمها لسلطة غزة رغم سقوط آلاف الأطفال ضحايا بدون أن أرد أو أسبب هذه التصرفات إلى الهوى والمصالح الشخصية, عندها فقط، أصبح مؤهلاً في مقياس التجرد لأطلق أحكاما هي أقرب للصواب منها للعاطفة.

السؤال الأصعب كيف يمكننا للوصول لهذه الدرجة من التجرد وإن تعارضت مع مسلماتنا؟؟ هنا تلعب ثقافتنا وإطلاعنا الدور الرئيسي في فهم وجهات النظر النقيضة من خلال تجردنا الصرف بالتفكير كما يفكرون على ضوء خلفياتهم التعليمية والاجتماعية والدينية والعقائدية.. فبوش قد كان يرى التدخل في العراق هو الحل الانسب لأمته وشعبه وكذلك صدام في الكويت وكذا الباقين و إن كنا لا نوافقهم فيما آلوا إليه..

لم آتي إلا بسرد ما تحثنا عقولنا عند تكوين رأي شخصي فكثيراً ما كنا نفكر بمدى تجردنا عن غيرنا "الغير المتجردين" بينما يرى الطرف الآخر العكس صحيحاً. ولكن المهم هو أن نتقن مهارة التجرد في عقلنا الباطن وليس الظاهر فقط. لأننا إن لم نفعل ذلك، إختلفنا وإن لم نكن مختلفين!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق