الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

المرحلة الإنتقالية.. صراع مصالح أم صراع ايدلوجية؟؟

تحدثنا في المقال السابق "المملكة بين مرحلتي الحصانة" عن كون المملكة تعيش المرحلة الإنتقالية بين مرحلتي حصانة الفرد وحصانة المجتمع. و من سمات هذه المرحلة هو صراع طرفي اليمين و اليسار خلال مراحل متدرجة تبدأ من صراع خفي غير معلن للطرف الأضعف تأيداً من عامة الشعب والدولة ثم صراع مبطن عندما تبدأ قوة هذا الطرف بالتنامي فصراع ظاهر يستطيع الجميع، خاصة وعامة، إحساسه ورؤيته. وإذا جاز لنا التأريخ، فقد تجاوزت المملكة المرحلة الأولى الفرعية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ومنذئذٍ كانت مرحلة الصراع المبطن في حدة متزايدة تظهر لمستقرئي تاريخ إجتماع الشعوب بوضوح وتخفى في أحيانٍ كثيرة على عامة الشعب في مرحلة استنفذت زمنها حسب ما قدر لها.

خلال الأشهر الماضية بدأت المرحلة الأخيرة من عمر المرحلة الإنتقالية في صراع لا يخفي على أحد من طبقات المجتمع في مرحلة فرعية تعد الأطول عمراً خلال هذه المرحلة القصيرة أجلاً، كما ذكرنا في المقال السابق. هذه المرحلة تعد الأقسى على العامة والأصعب على الدولة على حدٍ سواء وذلك لحساسيتها لكل حدث، صغيراً كان أو كبيراً بسبب تعاظم قوة إعلام الطرفين وإنضمام مؤيدين جدد متحمسين تخفاهم بواطن الأمور. وربطاً بالواقع، كانت أحداث إفتتاح جامعة الملك عبدالله الأسبوع الماضي، وما صاحبها من مصادمات أو مهاترات زادت من حدة الفصل، وأظهرت الصراع على الساحة الشعبية بشكل غير مسبوق.

كما ينقسم التياران بشكل أوضح على نفسيها متأثرين بالتأرجح بين يمين خدمة الفكر ويسار المصالح الشخصية مما يلتبس على العامة ويجعلهم متأرجحين بين تأييد التيارين. ومما يزيد التعقيد أكثر، تأرجح رأي المثقفين المتجردين، ذوي النفوذ المتوسط، لاطلاعهم على بعض الخفايا ومن ثم تناقض آرائهم التي هي أحد أهم أدوات العامة للحكم أو الإنحياز إلي أحد الفكرين المتصارعين.

حسنة ذلك، إنقشاع الغمامة عن نشأة تيارات أو مصنفات فرعية للتيارين الرئيسيين أتخذت لها مسميات مسبقة تتراوح من أقصى اليمين "إسلاميين متشددين" مروراً ب"إسلامين معتدلين" ف"إصلاحيين" حتى "إسلاميين ليبراليين" ومن ثم "‍ليبراليين معتدلين" ف"إصلاحيين" و ختاماً "ليبراليين أحرار" في أقصى اليسار. فكلما تباعد الفرق على هذا المحور الأفقي كلما تعاظم التصادم، بينما يكون التوافق المشترك أظهر عند تقارب المصنفين.

تكمن مشكلة مرحلة الصراع الظاهر في تشابه وتداخل الأهداف الفردية بين خدمة الفكر الايدلوجي وشهوات المصالح الفردية لأعلام التيارات المتصارعة. هنا يمكننا جزئياً فهم وإدراك مدى إخلاص أعلام التيارات للايدلوجيتها المعلنة أو سعيها الدؤوب لمصالحها الفردية من خلال قراءة ما بين السطور متحرين إختبار مدى ثبات أسس تبريرات دعمها لحدث أو رأي ما. ولتبسيط إجراء هذا التصنيف، يبدو لي أننا قد نحتاج في هذه المرحلة لأن نصنف أنفسنا "قسرياً" حسب المحور الأفقي المذكور حتي لا نعاني من غثيان التأرجح عند كل حدث مستجد ولنرى بوضح أكبر في مرحلة ضبابية عسيرة ومن ثم إتخاذ القرارات الشخصية المناسبة متجنبين تأثرها بفوات الزمن المناسب لتحقيقها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق