السبت، 17 أكتوبر 2009

الأخ المحترم الشيخ الدكتور المهندس أبو محمد الأول....حفظني الله..!!

نشأت الألقاب التي تسبق الأسماء، فيما أظن، خلال العصور الوسطى في أوربا. حيث بدأ استخدام ألقاب مثل الدوق والسير وغيرها لتمييز طبقة النبلاء وعلية القوم عن طبقة الشعب. وعندما غزى العثمانيين أوربا بعد فتح القسطنطينية، تقمص الترك هذه الآلية وصنفوا طبقاتهم لتحوي أفندي وباشا اجتماعيا وإلى ألقاب ذاب طابع عملي مثل مشير وخديوي. ثم نقلوها إلى المناطق العربية التي احتلوها مثل الشام ومصر وبقية الأقاليم العربية الأخرى. وبما أننا ورثنا بعض القوانين العملية من أقرب حضارة عند نشوء المملكة وهي مصر الملقبة بـ"أم الدنيا"، تقمصنا بدورنا بعض هذه الألقاب وأضفنا البعض الآخر توافقاً مع خصوصيتنا. فكان لقب "الشيخ" ذو أسبقية في مجتمعنا يحق لنا أن ندعي حقوق ملكيته الفكرية أو براءة اختراعه.

في الماضي، ارتبط لقب الشيخ في الماضي بعدة مراكز اجتماعية. منها ما هو قبلي أو اجتماعي أو ديني. فكان رأس القبيلة وعترته يسمون شيوخاً. ومدرس الكتاتيب يلقب شيخاً أيضاً. أما الآن فقد أضفنا للمركز الاجتماعي بعداً آخر مثل إضافة لقب شيخ لكل من يملك حفنة من ملايين الريالات ويتأبط بشتاً لسد الفراغ الذي يسبق الاسم. وأكثر من ذلك، أمنعنا في اشتقاق ألقاب مركبة بتر كيم لقب شيخ مع دكتور أو مهندس لنسمي أنفسنا "الشيخ الدكتور" "الشيخ المهندس" وهلم جر...!! حتى أصبحت الألقاب التي تسبق أسماءنا أطول من أسماءنا الطويلة أصلاً. وهنا سارع إخواننا "من غير ما لُقب " إلى الدفاع عن حقوقهم المنتقصة للفوز بنصيبهم من كعكة الألقاب. فحاول المحاسبين (من غير نجاح ملموس) أن يُلقبوا بـ"مح. أي محاسب " أ.. مدرس" أو حتى "ج. للجامعي من التخصصات الأخرى" وكأن عدم وجود لقب ينقص من احترامنا لذاتنا أو احترام الآخرين لنا..!!؟

كانت تبعة هذه الأيدلوجية بحث البعض عن الشهادات الدراسية التي تحقق أحد هذه الألقاب ليزين أسمه ويزهو بها أمام مجتمع يفتخر بما يتقدم أسمه من ألقاب. أصبح الشخص يفني سنيناً من عمره ليكون دكتوراً أو مهندساً أو... أو... و لو كانت هذه الشهادة بعيدة عن توافقها مع إمكاناته الشخصية أو طموحه العملي. وأصبحت, شقق من غرفتين, جامعات (في مصر و اليمن و غيرها) تبيع شهادات لمن لم يستطع الحصول عليها محلياً أو غربياً.

تحول اللقب في مجتمعنا هاجساً في حد ذاته. حتى أني أخجل أشد الخجل عند تقديم أنفسنا أو بعضنا البعض ,في الاجتماعات العملية مع من غيرنا من الأمم, بتعريف أسمائنا مبتدئين بألقاب "الدكتور" و"المهندس" و"المحاسب" و"الجامعي" أو كلها مجتمعة. وأدهى من ذلك، سمعت أحد المتصلين بالـART ، ممن لم يحصل على لقب مُصنف، يقدم نفسه للمذيع ب"معك الأخ المحترم زيد بن عبيد".!!!؟
"لقد أسمعت من ناديت حياً ... و لكن لا حياة لمن تنادي"....

و بما أنني شخصياً لم أستطع أن أغير من حولي بترك الألقاب، فقررت أن أبيع سيارة سائق الإلياذة (
مذكور في مقال سابق) و أشتري بريالاتها شهادة دكتوراه من جامعة كفر الطاووس يكون موضوع طرحها "تصنيف الألقاب لمن لم يُلقب", و أبتاع بالمتبقي حافلة من صنع تاتا الهندية لأتبرع بها لأحد الأندية المشهورة لنقل البراعم, ثم أُضيف لقب شهادتي الجامعية في الهندسة التي طالما تمنعت عن استخدامها لأصبح "الأخ المحترم الشيخ الدكتور المهندس أبو محمد الأول........ حفظني الله".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق