الجمعة، 2 أكتوبر 2009

المملكة بين مرحلتي الحصانة

عشنا في بدايات حياتنا كما عاش آبائنا وأجدادنا من قبل في مجتمعات محافظة تكون الوصاية به للمجتمع القروي أو القبلي ثم مجتمع الدولة المحافظة عند نشأت الدولة السعودية الحديثة. فكان العرف الذي غالباً ما يلبس اللباس الديني هو القوانين الُمسِنة و قاعدة القياس الصحيح للأفعال ثم قامت الدولة بالتزام هذا العرف ذو الصبغة الدينية حسب فهم حينئذٍ وسنته في شرائعها.

فأصبح نتاج ذلك أن الخارج عن هذه القوانين محرماً وغير متوفراً بالعلن مدعوماً بالإعلام المقيد وانعدام الحرية المطلقة ومسانداً من قبل عامة الشعب الذين ارتضوا في أغلبيتهم هذه الحصانة وعاشها من لم يقبلها مرغماً لعدم توفر الخيارات في الغالب ووخامة نتائج مخالفتها. فكانت مرحلة يمكن لنا أن نسيمها مرحلة "حصانة المجتمع" حيث يكون المجتمع محصن بالقوانين المسنة والمؤيدة شعبياً وعدم توفر خيارات خرقها في العلن.

وبداية من تنامي قوة المجتمع المدني مقابل انحسار سُلطة المجتمعين القروي والقبلي و من ثم إنتشار الانترنت والقنوات الفضائية الغير حكومية وتعاظم قوتها في السنوات القليلة الماضية ثم انتهاج حكومة الملك عبدالله منهج الإنفتاح الفكري النسبي أو التدريجي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتوابعها داخلياً ضعفت هذه الحصانة لتوفر البدائل. فنشأت المرحلة الحالية بإيجابياتها وسلبياتها. فهي مرحلة لم يكتمل فيها النضوج الفكري لأفراد المجتمع كما لم تكتمل بها الحرية الشخصية في اختيار ما هو متاح بدون عواقب. لا يتوقع لها ان تطول هذه المرحلة كونها مرحلة إنتقالية بين مرحلتي حصانة المجتمع وحصانة الفرد في في ضوء الحرية الشخصية الغير مطلقة.

واذا آن لنا أن نستقرأ المستقبل، فستكون المرحلة القادمة هي مرحلة "حصانة الفرد" التي يكون الفرد مسئول فيها عن تصرفاته ونتائجها بشكل كامل كما هو المجتمع الأوربي الغربي والآسيوي الشرقي الآن. ومن خصائص هذه المرحلة تكون للخيارات الفردية اليد العليا في الحياة الشخصية وبنتائج تتراوح من أن يكون أبنائنا ناضجي التعليم والفكر وذوي تأثير إيجابي في المجتمع أو مدمني كحول أو مخدرات أو مشردين بلا مأوى أو حتى شاذين جنسياً!!!.

في نظري أن هذه المرحلة قادمة لا محالة. فكيف لنا التعامل مع أبنائنا وتهيئتهم لمرحلة تكون تربيتهم هي أهم وأقوى بل جل ما يملكون من زاد؟
لا أود هنا إفتراض الحلول. فكلٍ أعلم بما هو أصلح وأنسب لأبناءه اذا ارتضى الفرض أصلاً كمنهاج. وعن نفسي فقد خلصت إلى افتراض التعليم ،أياً كان حسب ميول وإمكانات الابن أو البنت، مع افتراض الحد الأدنى من الحدود الدينة الغير مختلف عليها ثم الدعوات الخالصة في صلاتي بالتوفيق..

هناك تعليق واحد:

  1. العزيز ابو محمد

    مقالة رائعة حقا، وقد يكون أكثر ما يميزها بالإضافة إلى معلوماتها القيمة عن خصوصية الفرد وخصوصية المجتمع، أنها تتحدث بلغة جديدة يمكن أن تجمع أطراف الجماعات الاصلاحية في المملكة، والمنقسمين بين ما يسمى لبراليين واسلاميين.

    تحياتي لك ولكتابتك الراقية

    ردحذف