"النفسيات" مصطلح جديد أطلقه الشباب الساخر والمبدع في وصف من يتغزلون بمبالغة أو يشتكون الهوى والجحود والهجران والجحود أو الحظ والدنيا وقسمتها بلا حدود وبنهاية طوفانية. وقد تناولوها بطرف وتعليقات ساخرة تنتقدها باسلوب عامي مؤلم وممتع في آن واحد.
رغم أن النقد شمل الجنسين، إلا أن إنتشار هذه الحالة النفسية استشرى بالنساء عموماً، وبالبنات خصوصاً، بشكل يدعو إلى الوقوف والتأمل. فأصبحت أغلب الحالات المنشورة في برامج المحادثة وخصوصاً أهل البلاك بيري من أمثال "ليه بس يا زمن" و "ودي أعيش ولو ساعة" أو "رضينا بالهوى بس الجحود عنوانه" و "لو كان للهوى ضحية.. أكون خروفك في أول العيد.." تطغى على أغلب النفسيات المعذبة. وأمسى من مثل "حامد زيد" عراب هذه النفسية.
وعندما نحلل هذه الحالات، نجد أن هذه النفوس تتلذذ بسادية الحالة الوهمية لأنها فارغة عاطفياً ولا تستطيع التعايش مع الواقع. فكيف بها تحارب من أجل قضية حقيقية تستدعي الشحذ الفكري..!!؟ ففاقد الشخصية لا يستطيع المحاربة عنها.. وخاوي الروح لا يسمو فكرياً مهما اصطنع.. والمتلهي بالعذاب الخرافي، كيف به يصد غارات المجتمع المحافظ؟ وهل يستطيع من يعيش الوهم الدفاع عن حقوق مسلوبة؟
أصبحت صفصفة الكلمات الحمراء هي الغاية لسراب الوهم النفسي المعذب ولم تك أبداً وسيلة للتعبير عن واقع ذاتي حقيقي. وأضحت المشاعر الفياضة تقود عجلة التفكير لا وسيلة للتعبير الخام.. ثم غدى الهدف الحقيقي آخر الهم.. فأمست النتيجة خواء في فراغ..
هذه، حقيقةً، حقيقة مؤلمة يلزمنا التعايش معها في فترة تستجدي الهمم في التغير نحو الأفضل.. الفرصة الحالية قد لا تدوم طويلاً، فنرفانا التغيير مواتية لإستعادت بعض الحقوق النسوية في مجتمع مختل التوازن.. لذا أرى أن نجير هذا الهدف للأجيال القادمة كما هي الأهداف الحقيقية الأخرى. ليتسنا لنا الغط في سبات أعمق داخل السبات الكلي وننعم بالشخير الصاخب.
في مقال سابق، "نسائنا العزيزات.. هل أنتم فعلا بهذه السطحية..!؟؟" طالبت فيه برعونة عموم نساءنا بالنضوج ومواجهة الواقع والقتال من أجل حقوقهن المسلوبة.. وهنا أتراجع عن مطالبي لأنني اقتنعت أنهن في هذه الفترة لا يملكن المقومات لمثل هذه المعركة. فأغلبهن لايزلن في مرحلة بدائية من الفكر من سماها "النفسيات" التي دائماً ما تتعلق بالآخر وردود الفعل على أفعاله.. وبتفاؤل.. آمل أن يصلن إلى المرحلة الفكرية المطلوبة خلال العشرين سنة القادمة..أو أربعين.. لا ضير مادمنا نحن الرجال مستمتعين بذلك.. فلزم الإعتذار للـ"النفسيات" مع الأسف..