الأحد، 27 ديسمبر 2009
مقومات نشأة حضارات الأمم (2/2)..
الأحد، 29 نوفمبر 2009
مقومات نشأة حضارات الأمم (1/2)..
عند قراءتنا لتاريخ حضارات الأمم الفانية والحاضرة، نجد بوضوح أن كل أمة منها ارتكزت إلى على ثلاث عوامل رئيسية في نشأة حضارتها وهي المقومات المادية والأيدلوجية عملية ومن ثم ظهور القيادة المخلصة والحازمة التي تجمع العامة على الأيدلوجية المشتركة وتستثمر المقومات المادية لخدمة الغالبية العظمى من الشعب أكثر من الاستئثار بها للخاصة القليلة..
ويبسط علماء الاجتماع المعاصرين المقومات المادية بثلاث أخرى أولاها الطاقة البشرية وهي تواجد أعداد من البشر يجمعهم التاريخ (الأصول و اللغة أو أحداث مشتركة) أو الجغرافيا (سواء كانت مادية كطبيعة وتضاريس أو حدود بقايا دول منحلة) ومن خلال أيدلوجية مشتركة. على شرط أن يكون تعداد هذا الشعب مضاهي للحضارات المتزامنة خلال نشوء هذه الحضارة.
وثاني المقومات المادية هو الثروات الطبيعية التي تمول نشأة هذه الحضارة لتمدها بالمال والغذاء الكافي لأفراد الشعب مما يحول دون انشغالهم في تأمينه عن القيام بنهضة الأمة. وثالثها أضيف لاحقاً هو وجود رأس المال الذي يطلق شرارة استثمار الثروات الكامنة في الأرض.
أما الأيدلوجية العملية فيمكن اختصارها في كونها نظرة فكرية شاملة يجتمع الغالبية العظمى من الشعب في الإيمان بها وإتباعها. ووصف "العملية" هنا أساسي في تكوين حضارة منبثقة على ضوءها حيث لا يمكن للأيدلوجيات المتطرفة أن تقود حضارة لمدة طويلة.
وعندما نعدد أكبر الحضارات في التاريخ المعروف يجب أن نبدأ بالحضارة السومرية وبناتها البابلية والآشورية. لنجد أن هذه الحضارات الثلاث نشأت في بلاد الرافدين حيث المياه العذبة والأرض الخصبة وهي الثروات الطبيعية الأهم في زمن بداية العلم. كما قدر عدد البشر في تلك المنطقة زمن الحضارة السومرية, والتي تعد من أكثر الكثافة سكانياً في الأرض المعروفة, ما يعادل مئات الآلاف القليلة قد لا تصل للمليون الأوحد. حيث يقدر عدد السكان في 12 مدينة رئيسية 24 ألف نسمة في كل منها. ويمكننا أن نستنبط بعض أوجه أيدلوجيتهم من آثارهم القليلة المتبقية ومن خلال المعابد التي كانت محور الحياة العامة بالإضافة إلى الأخلاق والقوانين التي وجدناها في شرائع قانون حمورابي الذي يعده بعض المختصون من القوانين التي تنبأ بأيدلوجية حضارة متقدمة بالنسبة لزمنها. أما القيادة المخلصة فيكفينا الاقتباس التالي:
"وفي ذلك الوقت نادتني الآلهة، أنا حمورابي، الخادم الذي سررت من أعماله، .... والذي كان عوناً لشعبه في الشدائد، .... والذي أفاء عليه الثروة والوفرة....، أن أمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء وأنشر النور في الأرض، وأرعى مصالح الخلق"
قانون حمورابي – المقدس
ولو طبقنا نفس المقياس لوجدنا الحضارات العظيمة الأخرى لا تحيد كثيراً عن هذه الثوابت. فالحضارة المصرية الفرعونية نشأت بين أحضان النيل الخصبة وكان الفراعنة المؤلهين قواد منهم الحكماء مثل (مينيس) الذي جمع أقطار البلاد وأخناتون "الملك المارق" الذي دعا إلى نبذ الآلهة وعبادة رب أوحد ومنهم دون ذلك وبتعداد سكاني كبير نسبياً تراكم عبر العصور قد يدلل عليه عمل 100 ألف رجل في بناء بعض الأهرام لمدة عشرين سنة. ولتدليل أيدلوجياً يقول أحد ملوك الفراعنة أمينمحيت:
"كنت رجلاً زرع البذور وأحب إله الحصاد
وحياتي في النيل وكل وديانه،
ولم يكن في أيامي جائع ولا ظمآن،
وعاش الناس في سلام بفضل ما عملت وتحدثوا عني".
ثم الحضارة الهندية الأولى التي كانت مهد كتب الفيدا الداعية للتوحيد وفي أرض فيها كل ما يتمنى البشر من المياه العذبة والأراضي الخصبة والمعادن ولم ينقصها قواد عظماء مثل تشاندرا قوبتا موريا. ولنقتبس من تراث الهند البعيدة نقلا عن موسوعة قصة الحضارة:
"أسمى الحقائق هي هذه: الله كائن في الأشياء كلها، إنها صوره الكثيرة، ليس وراء هذه الكائنات إله آخر تبحث عنه... إننا نريد عقيدة دينية تعمل على تكوين الإنسان... اطرح هذه التصرفات المنهكة للقوى وكن قوياً... ومدى الخمسين عاماً المقبلة... لنمح كل ما عدا ذلك من آلهة من صفحات أذهاننا، جنسنا البشري هو الإله الوحيد اليقظان، يداه في كل مكامن، قدماه في كل مكان، أذناه في كل مكان، إنه يشمل كل شيء... إن أولى العبادات كلها هي عبادة من حولنا... ليس يعبد الله إلا من يخدم سائر الكائنات جميعاً"
فيفيدكاناندا
الخميس، 26 نوفمبر 2009
تبسيط آليات إستقبال المدخلات الحسية
أظن أن المقياس العملي للتجرد هو فهم ومن ثم تفهم أو رد وجهة نظر جميع الأطراف والنقائض وهو أقل ما يؤهلنا في مقياس التجرد لإطلاق أحكاما هي أقرب للصواب منها للعاطفة. و للوصول لهذه الدرجة من التجرد، وإن تعارضت مع مسلماتنا، يتحتم علينا وعي وجهات النظر النقيضة من خلال تجردنا الصرف بالتفكير كما فكر الطرف الآخر على ضوء خلفياته التعليمية والاجتماعية والدينية والعقائدية..
فإذا ما إطلعنا وأتقنا تجردنا، كانت مخرجات أحكامنا أقرب للصواب الثابت وأدعي للإتفاق مع المتجردين الآخير لنصبح في نطاق طبقة الأغلبية الواقعية البعيدة عن أهواء العواطف.
الخميس، 12 نوفمبر 2009
بتجرد.. حالة زيد
ولكن ثورة بعض إخوانه على معلمه وتسلمهم زعامة القرية، انتقصت بعض من حقوقه العقائدية حسب رأيه. و أمر من ذلك، سلبت بعض حقوقه المدنية المتواضعة أصلاً. فما كان منه إلا أن لجأ إلى زعماء المدينة البعيدة الذين مدوا له يد العون في الظاهر رغم إضمار نصرت عقائدهم بإيجاد أتباع جدد تتقاطع معهم بالمصالح وشيء من العقائد رغم أن عقائد زيد أقرب لإخوانه منها لهم.
فاستغل زعماء المدينة البعيدة ذلك الانتقاص في الحقوق ليكون مدخلهم للتأثير على عقائد زيد لتحقيق أهدافهم المبطنة. فأمدوه بالمال لفينة من الزمن حتى يعتمد عليهم ولا يستطيع أن يعود لسابق معيشته البسيطة. فما كان منهم إلا أن بدءوا بفرض آراءهم عليه ليثور على إخوانه. فمدوه بالسلاح والعتاد لاستعادة بعض حقوقه المغتصبة مما قاد إلى معارك عائلية دامية خسرت على ضوءها قريتهم العديد من الأرواح والأنفس والأموال الشحيحة أصلاً.
ومع انتشار رقعة المعركة، لقوة إخوانه النسبية واستمرار دعم زعماء المدينة البعيدة، لتصل إلى حدود القرية المتاخمة للمدينة القريبة. ورغم أن هذه المدينة القريبة قد استقبلت ودعمت معلمه عند تهجيره من قبل إخوانه، إلا أن غبار المعركة أصاب بعض سكان المدينة القريبة مما أثارها عليه لتدخل المعركة بقوتها وعتادها فاختلط الحابل بالنابل وصار زيد في موقف من يدافع على أكثر من جبهة مع أكثر من أخ.
حزن زيد على فقده لأبنائه وعدم الاستفادة من أموال القرية البعيدة لتحسين مستوى معيشته وحزن إخوانه لتقويض سيادتهم وحزنت المدينة القريبة لاجترارها لمعركة لا ناقة لها فيها ولا جمل. كما فرح زعماء المدينة البعيدة لخدمة هذه المعركة لأهدافهم غير المعلنة، بتورط المدينة القريبة المختلفة فكريا معهم، بالمعركة.
وفي النهاية، لم يجد زيداً خلاصاً لمشاكله ولم يربح أخوانه سيطرتهم وغاصت المدينة القريبة في حرب استنزاف وتشتت وربح زعماء القرية البعيدة بدعم أهدافهم...
الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009
بين وصايتي اليمين واليسار!! لم ينجح أحد
شاهد ذلك هو كلمة صالح الحصين عن تعريف الوطنية ورد عبدالله الفوزان عليه ثم تتابع الناقدين والمؤيدين من الطرفين بسخرية تجعلنا نتساءل عن ماهية الهدف من هذه المعركة!!؟؟ فهل المراد هو الإصلاح من الطرفين أم هو فرصة لتحقيق مصالح شخصية لأي من الأطراف!؟
عن نفسي, فدائماً ما أقرأ مقالات المعارك الاجتماعية بحميمية لفهم ما تحمل من مشاعر وتوجهات شخصية. فإذا ما استنتجت أن كاتب المقال يبحث عن التقارب اكثر من الاقتصاص أو إبهار القارئ, كان الجانب الإصلاحي هو الطاغي في فكر الشخص. فالتوصل إلى نتائج يكون من خلال السعي إلى التقارب أكثر منه من خلال الإقصاء المباشر. فإن كان الشخص يملك فكراً مناسباً للزمن المناسب ومخلصاُ في إصلاحه, غنم جميع المكاسب من نصرة فكره واجتذاب المؤيدين وكشف عدم سعي الطرف الآخر للإصلاح من عدمه وفوق ذلك كله إبهار المتلقين والمتفرجين. اما اذا كان الكاتب يحاول تصيد الاخطاء وبشخصية، كان الحكم السلبي هو الطاغي.
مشكلتنا كمتلقين, أن تيار اليسار الحالي نشأ وترعرع أصلاً في كنف التيار اليميني. ففهم غاياته وأساليبه, وفوق ذلك أصبح يطمح لتحقيق نفس المصالح والمكاسب التي تمتع بها الطرف اليميني لعقود عديدة. فعلى ضوء المتغيرات الحديثة في شفافية وحرية الإعلام من صحف وشبكة عنكبوتيه وبريد الكتروني, إضافة إلى سعي الدولة للحيادية على قدر المستطاع, انكشفت ظهورنا وغدينا غنيمة سائغة لكل من أراد أن يفرض علينا فكراً جديداً أو إشباعا لشهوته من السلطة والتسلط..!!
فطرف اليمين وفارس معركته هذه المرة يطلب من الطرف الآخر الاستعانة بطلبة علم شرعي ليفهم فحوى كلامه؟؟ هنا تنكشف خفايا الغايات بشكل كبير. طرف اليمين بدأ يفقد امتيازات تزعم المجتمع فكريا!!. فقد أصبح العامة (كما يسموننا) يفكرون في الحدث ذاته ومن خلال عقولهم وهو ما لم يعهدوه منهم في العقود الماضية بتسليم الفكر لأهل العلم المؤهلين لألا يصبحوا "عقليين" مثل "القصيمي" و "العياذ بالله"!!!
أما فارس اليسار الذي من المفروض أن يكون مدرساً لمراحل عليا, يرد باستهزاء بقوله أنه استشار بعض أهل العلم ولم يصل إلى فهم ثابت لفحوى فهم الطرف الآخر!!! ثم ينتقل لنقد الأجهزة الحكومية لعدم تطبيقيها توصيات الحوار الذي يرأسه الفارس اليميني. ثم يكمل الباقين مداخلتهم ببعض التعابير المعممة لا يرجى منها إلا تهميش العامي لنفسه وإبهاره من غير غاية محددة!!؟ أو الانحياز ودعم أحد الأطراف على حساب الآخر دون نقد الحدث ذاته واحتماليات التوافق لخدمة الهدف الأسمى..
لقد افترضت عدة تعهدات في بداية تدويني.. ولكني ها هنا انقض أولاها في هذه المقالة لأكون تقريرياً وبدرجة اقل من التجرد الذي ارتضيته لنفسي!!
السبت، 31 أكتوبر 2009
مجتمع المتذمرين…!!
في أي مجلس من مجالسنا من الجنسين ومن جميع الفئات السنية تجد التذمر هو الطاغي على أغلب الأحاديث اجتماعية كانت أم اقتصادية أم تاريخية أم أم.... تجد الرجل يتذمر من زوجته وأولاده وكذا الزوجة وكذا الأولاد. تجد 99% من الموظفين غير راضين عن وظائفهم أو مدرائهم أو سياسات شركاتهم أو وزاراتهم. تجد الجميع يتذمرون من الجو والعمل وغلاء المعيشة وحالة الشوارع والدولة التي لم ترد لهم خسائرهم في الأسهم إضافةً إلى جميع من يأتي ذكره من غير الحاضرين!!! تجد مقالات التذمر (لا أسميه نقداً) مثل "عقال الوزير" ومقال الإكس شيخ عن الغربي "الذي لديه ولدان أحدهما مهندس والثاني طبيب" يرسل لك بالبريد الإلكتروني من عشر أشخاص عند صدوره ومرة بالشهر عند اللزوم..
فنحن نتذمر من إسفاف التلفزيون والمسلسلات الخليجية والفيديو كليب لنشاهدها متى ما حانت الفرصة. نتذمر من غلاء المعيشة وكثرة المكوس مقارنة بالغير رغم كون المملكة من أرخص الدول الغنية معيشة ومن أعلاها كصافي دخل (كنسبة المتبقي من الراتب إلى الإجمالي بعد خصم الاستحقاقات الرئيسية). تجدنا نتذمر من تحويلات الطرق ثم بعدها مباشرة نتذمر من عدم وجود الخدمات. نتذمر من سوء القيادة في شوارعنا وننسى أن هؤلاء القواد هم أنا وأنت. تجدنا نتذمر من الرياض وجدة والدمام مقارنة بجدة والدمام والرياض.
أصبح المجتمع ينظر إلى كل الأمور بنظارة شمسية سوداء يرتديها ليلاً نهاراً. فدأبنا لا نرى إلا السلبيات من الأمور حتى اعتدناها كحياة واستمتعنا فيها بسادية. أضحى الكثير منا غير منتجين لأن التذمر عدو الإنتاج والنجاح رغم أننا نملك وبقوة جميع عوامل النجاح. فنحن نملك الشعب كطاقة بشرية ونملك أعظم الثروات الطبيعية لتمويل النهوض بحضارتنا ونملك حكومة مستقرة تضمن تراكم هذه الحضارة من دون انقطاعات قسرية. رغم هذا وذاك, تجدنا أكثر من يصدر مهاجرين كنسبة من الدول غنية!!
فما هي المشكلة؟؟ وما هي الحلول؟؟
هل المشكلة أننا لازلنا نسمي التذمر نقداً رغم أن النقد يتبعه اقتراح حلول وعمل على تنفيذها والتذمر يتبعه التأفف!!؟؟ هل أننا مرفهين لدرجة تجعلنا نبحث عن النقص أكثر من تمتعنا بالواقع!!؟؟ أم نحن فعلاً أتعس شعب على وجه الأرض لأننا أكثر الشعوب تذمراً!!؟؟
في لقائي الأسبوعي في القهوة الغربية مع أحد الأصدقاء ناقشنا الحالة الأممية التذمرية, فتوافقنا, كأغلب الأحيان, على تفشيه كظاهرة مما أوحى إلي بكتابة هذا المقال. ولكن وأنا في نهايته, أرى أننا تذمرنا من ظاهرة التذمر والمتذمرين وذلك إثباتاً لأن نكون عناصر فعالة في المجتمع ولأن لا نكون من الـ"geeks" في مجتمع التذمر.
وختاماً أرجو أن أكون قد تذمرت بالشكل الصحيح عن ظاهرة التذمر لما في ذلك من إراحة للنفس بإلقاء التهم على الآخرين لأكمل باقي أسبوعي رافع الرأس....!!!
الجمعة، 23 أكتوبر 2009
التجرد... مهارة متى نتقنها؟
عندما نكون وجهة نظر شخصية عن حدث ما, تتشكل آراءنا من خلال مجموعة من العوامل يمكنها أن نصنفها زمنيا بالخبرات والمواقف الشخصية و المسلمات العقائدية أو الاجتماعية (الماضي), واقع الحدث (الحاضر) وتوقع التبعات (المستقبل).
و إذا افترضنا تقارب وضوح واقع الحدث للجميع, وكان استقراء وتوقع التبعات هو نتيجة لما يسبقه, أصبحت خبراتنا ومواقفنا الشخصية العامل الوحيد المسبب لإختلاف وجهات النظر.
رغم كون واقع الحدث هو ذاته للطرفين, إلا أن هذه الوجهات قد تتباين لدرجة قد تتسبب في أزمات أو حتى تقود إلى حروب مدمرة. لا أتحدث هنا عن صراع المصالح بين الأشخاص أو الدول لأن هذا شيء آخر قد يكون حتميا في أحيان كثيرة. ولكني أتحدث عن تباين وجهات النظر الخاصة أو المؤطرة التي تقود لهذه الاختلافات ومن ثم الخلافات.
فنحن نرى كيف أن مشجعي فريقين متبارين ينظرون لأحداث مباراة بتباين يجعلك تتساءل "هل كانوا يشاهدون المباراة نفسها؟؟"
فكيف لنا أن نصل إلى أفضل تقييم مشترك لواقع الحدث رغم إختلاف مواضينا لنكوُن أقرب وجهات نظر قابلة للتناغم أكثر منها للتناحر؟؟
عن نفسي، أرى أن التجرد هو أفضل طريقة عملية قد تقودنا إلى الرقي بواقعنا وجعل مواضع إتفاقنا أكثر من إختلافنا. فكلما تجردنا من الأحكام المسبقة عند تكوين الرأي الشخصي كلما كانت آرائنا أقرب وأدعى بأن نتفق أكثر.
أظن أن المقياس العملي للتجرد هو فهم ومن ثم تفهم أو رد وجهة نظر جميع الأطراف والنقائض.. فإذا استطعت مثلاُ أن أفهم, وإن لم أتفهم, وجهة نظر بوش في الحرب على العراق ووجهة نظر صدام في احتلاله للكويت أو شارون في صبرا وشاتيلا أو حماس في عدم تسليمها لسلطة غزة رغم سقوط آلاف الأطفال ضحايا بدون أن أرد أو أسبب هذه التصرفات إلى الهوى والمصالح الشخصية, عندها فقط، أصبح مؤهلاً في مقياس التجرد لأطلق أحكاما هي أقرب للصواب منها للعاطفة.
السؤال الأصعب كيف يمكننا للوصول لهذه الدرجة من التجرد وإن تعارضت مع مسلماتنا؟؟ هنا تلعب ثقافتنا وإطلاعنا الدور الرئيسي في فهم وجهات النظر النقيضة من خلال تجردنا الصرف بالتفكير كما يفكرون على ضوء خلفياتهم التعليمية والاجتماعية والدينية والعقائدية.. فبوش قد كان يرى التدخل في العراق هو الحل الانسب لأمته وشعبه وكذلك صدام في الكويت وكذا الباقين و إن كنا لا نوافقهم فيما آلوا إليه..
لم آتي إلا بسرد ما تحثنا عقولنا عند تكوين رأي شخصي فكثيراً ما كنا نفكر بمدى تجردنا عن غيرنا "الغير المتجردين" بينما يرى الطرف الآخر العكس صحيحاً. ولكن المهم هو أن نتقن مهارة التجرد في عقلنا الباطن وليس الظاهر فقط. لأننا إن لم نفعل ذلك، إختلفنا وإن لم نكن مختلفين!!
السبت، 17 أكتوبر 2009
الأخ المحترم الشيخ الدكتور المهندس أبو محمد الأول....حفظني الله..!!
في الماضي، ارتبط لقب الشيخ في الماضي بعدة مراكز اجتماعية. منها ما هو قبلي أو اجتماعي أو ديني. فكان رأس القبيلة وعترته يسمون شيوخاً. ومدرس الكتاتيب يلقب شيخاً أيضاً. أما الآن فقد أضفنا للمركز الاجتماعي بعداً آخر مثل إضافة لقب شيخ لكل من يملك حفنة من ملايين الريالات ويتأبط بشتاً لسد الفراغ الذي يسبق الاسم. وأكثر من ذلك، أمنعنا في اشتقاق ألقاب مركبة بتر كيم لقب شيخ مع دكتور أو مهندس لنسمي أنفسنا "الشيخ الدكتور" "الشيخ المهندس" وهلم جر...!! حتى أصبحت الألقاب التي تسبق أسماءنا أطول من أسماءنا الطويلة أصلاً. وهنا سارع إخواننا "من غير ما لُقب " إلى الدفاع عن حقوقهم المنتقصة للفوز بنصيبهم من كعكة الألقاب. فحاول المحاسبين (من غير نجاح ملموس) أن يُلقبوا بـ"مح. أي محاسب " أ.. مدرس" أو حتى "ج. للجامعي من التخصصات الأخرى" وكأن عدم وجود لقب ينقص من احترامنا لذاتنا أو احترام الآخرين لنا..!!؟
كانت تبعة هذه الأيدلوجية بحث البعض عن الشهادات الدراسية التي تحقق أحد هذه الألقاب ليزين أسمه ويزهو بها أمام مجتمع يفتخر بما يتقدم أسمه من ألقاب. أصبح الشخص يفني سنيناً من عمره ليكون دكتوراً أو مهندساً أو... أو... و لو كانت هذه الشهادة بعيدة عن توافقها مع إمكاناته الشخصية أو طموحه العملي. وأصبحت, شقق من غرفتين, جامعات (في مصر و اليمن و غيرها) تبيع شهادات لمن لم يستطع الحصول عليها محلياً أو غربياً.
تحول اللقب في مجتمعنا هاجساً في حد ذاته. حتى أني أخجل أشد الخجل عند تقديم أنفسنا أو بعضنا البعض ,في الاجتماعات العملية مع من غيرنا من الأمم, بتعريف أسمائنا مبتدئين بألقاب "الدكتور" و"المهندس" و"المحاسب" و"الجامعي" أو كلها مجتمعة. وأدهى من ذلك، سمعت أحد المتصلين بالـART ، ممن لم يحصل على لقب مُصنف، يقدم نفسه للمذيع ب"معك الأخ المحترم زيد بن عبيد".!!!؟
"لقد أسمعت من ناديت حياً ... و لكن لا حياة لمن تنادي"....
و بما أنني شخصياً لم أستطع أن أغير من حولي بترك الألقاب، فقررت أن أبيع سيارة سائق الإلياذة (مذكور في مقال سابق) و أشتري بريالاتها شهادة دكتوراه من جامعة كفر الطاووس يكون موضوع طرحها "تصنيف الألقاب لمن لم يُلقب", و أبتاع بالمتبقي حافلة من صنع تاتا الهندية لأتبرع بها لأحد الأندية المشهورة لنقل البراعم, ثم أُضيف لقب شهادتي الجامعية في الهندسة التي طالما تمنعت عن استخدامها لأصبح "الأخ المحترم الشيخ الدكتور المهندس أبو محمد الأول........ حفظني الله".
الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009
المرحلة الإنتقالية.. صراع مصالح أم صراع ايدلوجية؟؟
تحدثنا في المقال السابق "المملكة بين مرحلتي الحصانة" عن كون المملكة تعيش المرحلة الإنتقالية بين مرحلتي حصانة الفرد وحصانة المجتمع. و من سمات هذه المرحلة هو صراع طرفي اليمين و اليسار خلال مراحل متدرجة تبدأ من صراع خفي غير معلن للطرف الأضعف تأيداً من عامة الشعب والدولة ثم صراع مبطن عندما تبدأ قوة هذا الطرف بالتنامي فصراع ظاهر يستطيع الجميع، خاصة وعامة، إحساسه ورؤيته. وإذا جاز لنا التأريخ، فقد تجاوزت المملكة المرحلة الأولى الفرعية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ومنذئذٍ كانت مرحلة الصراع المبطن في حدة متزايدة تظهر لمستقرئي تاريخ إجتماع الشعوب بوضوح وتخفى في أحيانٍ كثيرة على عامة الشعب في مرحلة استنفذت زمنها حسب ما قدر لها.
خلال الأشهر الماضية بدأت المرحلة الأخيرة من عمر المرحلة الإنتقالية في صراع لا يخفي على أحد من طبقات المجتمع في مرحلة فرعية تعد الأطول عمراً خلال هذه المرحلة القصيرة أجلاً، كما ذكرنا في المقال السابق. هذه المرحلة تعد الأقسى على العامة والأصعب على الدولة على حدٍ سواء وذلك لحساسيتها لكل حدث، صغيراً كان أو كبيراً بسبب تعاظم قوة إعلام الطرفين وإنضمام مؤيدين جدد متحمسين تخفاهم بواطن الأمور. وربطاً بالواقع، كانت أحداث إفتتاح جامعة الملك عبدالله الأسبوع الماضي، وما صاحبها من مصادمات أو مهاترات زادت من حدة الفصل، وأظهرت الصراع على الساحة الشعبية بشكل غير مسبوق.
كما ينقسم التياران بشكل أوضح على نفسيها متأثرين بالتأرجح بين يمين خدمة الفكر ويسار المصالح الشخصية مما يلتبس على العامة ويجعلهم متأرجحين بين تأييد التيارين. ومما يزيد التعقيد أكثر، تأرجح رأي المثقفين المتجردين، ذوي النفوذ المتوسط، لاطلاعهم على بعض الخفايا ومن ثم تناقض آرائهم التي هي أحد أهم أدوات العامة للحكم أو الإنحياز إلي أحد الفكرين المتصارعين.
حسنة ذلك، إنقشاع الغمامة عن نشأة تيارات أو مصنفات فرعية للتيارين الرئيسيين أتخذت لها مسميات مسبقة تتراوح من أقصى اليمين "إسلاميين متشددين" مروراً ب"إسلامين معتدلين" ف"إصلاحيين" حتى "إسلاميين ليبراليين" ومن ثم "ليبراليين معتدلين" ف"إصلاحيين" و ختاماً "ليبراليين أحرار" في أقصى اليسار. فكلما تباعد الفرق على هذا المحور الأفقي كلما تعاظم التصادم، بينما يكون التوافق المشترك أظهر عند تقارب المصنفين.
تكمن مشكلة مرحلة الصراع الظاهر في تشابه وتداخل الأهداف الفردية بين خدمة الفكر الايدلوجي وشهوات المصالح الفردية لأعلام التيارات المتصارعة. هنا يمكننا جزئياً فهم وإدراك مدى إخلاص أعلام التيارات للايدلوجيتها المعلنة أو سعيها الدؤوب لمصالحها الفردية من خلال قراءة ما بين السطور متحرين إختبار مدى ثبات أسس تبريرات دعمها لحدث أو رأي ما. ولتبسيط إجراء هذا التصنيف، يبدو لي أننا قد نحتاج في هذه المرحلة لأن نصنف أنفسنا "قسرياً" حسب المحور الأفقي المذكور حتي لا نعاني من غثيان التأرجح عند كل حدث مستجد ولنرى بوضح أكبر في مرحلة ضبابية عسيرة ومن ثم إتخاذ القرارات الشخصية المناسبة متجنبين تأثرها بفوات الزمن المناسب لتحقيقها.
الأحد، 4 أكتوبر 2009
السائق الخاص... الإلياذة المعاصرة للأبطال ذوي الطواقي الصفراء!!!
إن معاناتي من خلال الشد العصبي الذي أعيشه خلال هذه الدقائق يفوق إحتمال الرجل من عصر الأبطال. فمن كفةٍ كانت الشوارع المستوية (لغةً و شرعاً) متناغمة مع قيادة الشعب المؤدب المحترم المتبع لقوانين المرور بحذافيرها في شوارع الرياض و في كفةٍ أخرى مهارات القيادة الفذة للسائق و اللتان تعاونتا على إنهاك قواي العقلية المتبقية (بعد الجامعة) في زمن قياسي.
لا أدري لماذا تحضرني الإلياذة، كما لم تحضر هومر نفسه، كلما ركبت السيارة مع السائق يإحساس و كأنني أحد الجنود المشاة بجانب أخيل خلال الهجوم على حصن طروادة!!؟؟ فلا أستطيع أن أقود السيارة لتفادي الأهوال و لا تفادي الحراب و السهام التي تشبه خطافية صاحب الاكسنت ذو الطاقية الصفراء (اصلا أو قسراً) المقدام الذي لا يهاب الوغى أو اللعب بأعمار الآخرين و المستمتع بمداعبة الحد الفاصل بين الموت و الحياة كل خمس دقائق.
تحضرني منازلة هكتور بطل طروادة لأخيل بطل اليونان في عصر كان القوة و الشجاعة أو الحماقة تكال بالأطنان بينما تكال الأرواح بحفنة من التراب. يحضرني عليٌ في معركة الخندق و هو يتقدم لابن ود كما يحضرني الزبير في اليرموك و هو يخترق وحيداً مائتي ألف من الروم ذهاباً و عودة في حجز مؤكد. يحضرني خالد في كاظمة و هو يجز عنق رستم و يحضرني القعقاع و هو يتقدم صفوف المسلمين في القادسية غير آبهٍ بالفرس و فيلتهم. بل يحضرني تاريخ معارك الخير و الشر أو الشر و الخير أو الخير و الخير أو الشر و الشر (تبعاً لنظرة الراوي أو المؤلف) كلٍ على حد سواء...
رغم إختلاف الزمن و تماثل المخاطر، فلقد أثبتت لي هذه التجربة بأن شجاعتي لا تقل عن هؤلاء الأبطال عند قبولي أو إستسلامي للركوب في مقعد الراكب بجانب السائق المؤدب ..!!
هنا اتساءل؟؟ هذا حالي و أنا رجل أقود السيارة منذ ما يربو من ربع قرن!! فكيف بامراة (لم تقد دراجة منذ ما قبل الابتدائية عندما اشتري أبوها لأخيها الصغير سيكلاً ذو ثلاث عجلات) مرغمةً على الركوب مع هذا السائق و من مثله لتصل كل يوم إلى غايتها....؟؟؟
"إبتسمي يا أيتها المرأة السعودية فأنتي أشجع مني،،،،!!"
ختاماً،، كم أتمنى صولوناً حكيماً مثل صولون الإغريق أو دكتاتوراً شجاعاً هتلرياً بنصف شنب أو حتى طاغيةً فاشياً يشبه في عفوه موسوليني الطليان لأن يقود عصابة المرور حتى يلقى أبو طاقية صفراء صاحب الاكسنت ما يستحق..
الجمعة، 2 أكتوبر 2009
المملكة بين مرحلتي الحصانة
الاثنين، 28 سبتمبر 2009
قصة الحضارة... الحضارة في قصة
تناول تاريخ الحضارات عبر سرد أدبي لتاريخ أمم ما قبل التاريخ بداية بالفصل الأروع نشأة الحضارة في الكتاب الأول كاشفاً عن عبقرية فلسفته و تجرد فكره في حيادية مع النفس توصل لها قليل القليل من بني البشر. قراءة هذا الفصل تولد إحساس غريب للقارئ بالنمو فكرياً لأعوام مديدة في سويعات قليلة. ثم تناول حضارات ما قبل التاريخ سارداً و محللاً الحضارات السومرية و الآشورية ثم المصرية الفرعونية و الهندية و الصينية و اليابانية مروراً باليونانية و الرومانية متنزها في أطياف الزمن الغابر حتى حط به الرحال بالحضارة التي نعيش باقي فصولها يتخللها فهم خاطئ لحد ما لحضارة الإسلام. أتتنا الموسوعة من خلال ثمانية مجلدات باللغة الإنجليزية مترجمة في أربعة و عشرين مجلداً باللغة العربية. و مما زاد روعة هذه الموسوعة ترجمتها على يد جهابذة منتقين من قبل اللجنة الثقافية للجامعة العربية بأسلوب لا يضاهيه إلا أسلوب كاتبها و لا يعيبها إلا طباعتها القديمة و الفقيرة.
تناول ويل التاريخ كمؤرخٍ عاش كل حضارة على حدا... تناول الدين كما لو أنه أحد رهبان عصرها... تناول الفن و التصوير كما لو أنه فان جوخ زمانها... تناول البناء و العمارة كأعظم مهندسيها... تجرد من ميوله و أهوائه في النقد و في المديح... فأبدع أيما إبداع في تدوين أحد أعظم ما خط في تاريخ القلم.
الموسوعة تلقي الضوء على دورات الزمن في تاريخ الأمم. و تاريخ استغلال الأديان لمكاسب ثلة من الرجال مستغلين المجهول لتناول زمام الأمور. في رائعة أسمى حصائلها قراءة و استقراء التاريخ... في قراءة تجعلنا نتفهم كيف يمكن لمن يحاول إدارة و تسيير العالم أن يسايره النجاح أكثر من الفشل.
و ختاماً أقول أين كنا منها طوال هذه السنين!!؟؟ لماذا لم ننصح أو نرغم على قراءتها في بدايات حياتنا حتى نختصر الزمن و التاريخ و لنفكر كراشدين في عمر الزهور.....؟
السبت، 26 سبتمبر 2009
القراءة... المتعة المضاعة
السبت، 19 سبتمبر 2009
موبايلي... أنا..... و الدب
و قد كان لي من الدلاخة (الثوالة في رواية و الدباشة في أخرى) بمكان بأنني لم أبحث عن مصداقية العرض كعادتي قبل التوجه إلى أحد هذه الصروح. و صادفت ربع ساعة نهاية ساعات العمل في رمضان. فكان لي الحارس المسكين بالمرصاد و صدني عن الدخول مع رجاء عدم المقاومة لأنها تعليمات صارمة بعدم دخول أي عميل جديد حتى يمكنهم التخلص من العملاء المتبقين في الصالة. فقاومت "كعادتنا بالتغلب على المصاعب بحصان اللسان و الحجج" و تنازلت عن حقي بالاشتراك و طالبت فقط بالسؤال عن معلومات عن العرض. فتعذر المسكين بالتعليمات الصارمة و هنا رأيت إشارة ذلك العملاق (الدب) تأتي من آخر الصالة التي أوحشتني و جعلتني أتفهم ارتعاد ذلك المسكين. و رغم أنني أؤيد بقوة المقولة الغير صحيحة بأن الدببة خفيفين دم و ذلك لظروف شخصية إلا أن تلك الإشارة لم تحمل أي خفة دم في وقتها. وطفقت عائداَ إلى سيارتي أجرجر أذيال الهزيمة (حشى صارت حرب) متقبلاَ نتائجها على مضض و متوعداً في نفسي بِكرةٍ (بعودة) مفاجئة.
و لم تك الزيارة الثانية بأوفر حظ رغم بدأ المعركة قبل ربع ساعة نهاية ساعات العمل بكثير. فكانت الصالة مزدحمة لدرجة أنني تطاولت برأسي لأرى إذا ما كان هناك فرن تميس داخل هذا الصرح. و عندما أردت الاستفسار من موظف الاستعلامات... طلب مني بشيء من الحدة أخذ رقم و الانتظار. و بما أني لست بقليل شر بدأت باستخدام مهاراتي الفردية المتوارثة عبر الأجيال و هي التكشير عن الأنياب و رفع درجة الصوت حتى يصل لأصحاب الطاولات القابعة في عمق الصالة. "طالبت فقط بمعلومات و أنت موظف استعلامات"..!! و لأنه على ما يبدو موظف مبتدأ و لم يكتمل نبوت ريشه تنازل على مضض و بروح انهزامية تشبه روح الألمان عند توقيع معاهدة فرساي في نهاية الحرب العالمية الأولى أو روح اليابانيين في نهاية الثانية و تكرم بإعطائي المنشور الخاص بالعرض. فكانت الفاجعة المتوقعة بأن التكلفة ضعف ما يعلن عنه..!!!؟؟ لم تكن مشكلة بالنسبة لي فدخلت المحل المجاور لصرح موبايلي و اشتركت في "جو" بضعف السرعة و 30% سعر أقل "لي معهم معركة سابقة من خلال الاشتراك الأول".
أنا مؤمن بأن السوق عرض و طلب و لست بمغصوبٍ على الشراء من أحد كما كان في عهد أقطاعية الجدة الاتصالات السعودية. و لكن لي هنا وقفات مع موبايلي سأقوم بسردها بإيجاز.
أولاَ: سلسة الإمدادات.. يبدو لي أن إدارة التسويق جد مجتهدة و متكلفة. هذا واضح من احترافية الإعلانات و كثافتها. الصروح أم الفروع مكلفة بشكل فاحش و في أماكن منتقاة من قبل مصمم فساتين سهرة لبناني على ما يبدو و ذات ديكور يذكرني بقصور إمبراطوريات أوروبا أو فاشية العالم العربي. و في النهاية أربع إلى خمس طاولات يجلس عليها ثلاث إلى أربع دببة طيبون يتخذون من طريقة تعامل أجدادنا في رئاسة تعليم البنات قدوة لهم. ما هذه السلسة المختلة من الإمدادات وتدفقها!!؟؟ كيف تكون عنق الزجاجة الحلقة الأقل تكلفة!!؟؟ ما فائدة الاستثمار في حلقات التسويق و البنية التحتية بينما لا تستطيع الحلقة الأخيرة "المبيعات" مجاراة التدفق!!؟؟ توقعي من دون حقائق ثابتة لدي أن الإدارات المشكلة لهذه الحلقات تدار بشكل مستقل و بنظرة مؤطرة يغيب عنها الفكر الشامل لكامل السلسلة من البنية التحتية حتى رضاء الزبون.
ثانياَ:التكلفة و التسعير.. لماذا تقع موبايلي بنفس الخطأ الذي تقع به الجدة السعودية!!؟؟ لماذا هذه الـ Hidden cost أو التكاليف المخفية!!؟؟ ألا يمكن لهم أن يضعوا التكاليف الإضافية مثل قيمة المودم أو التأسيس و بالبنط العريض حتى لا يفاجأ العميل "كما يسموننا" بالتكلفة الإجمالية التي تعدى المنافسين فتكون ردة فعل سلبية كما حصل معي و مع غيري..!!؟؟ هل نحن أغبياء لهذا الحد!!؟؟؟ أم يظنون أن هذا العميل لا يمكنه أداء قسمة مبسطة تعلمها في ثالث ابتدائي لحساب التكلفة الشهرية!!؟؟ هناك حملات دعائية تدرس في علم التسويق كلفت عشرات أو مئات الملايين و أتت بنتائج عكسية يحضرني منها حملة أرنب بطاريات انرجيزر كرد على ديورسل و ذلك الإعلان الذين كان أحد أجمل الإعلانات المضحكة. رغم ذلك فلقد أدت هذه الحملة إلى زيادة مبيعات ديورسل على حساب انرجيزر بسب بسيط لان انرجيزر استخدمت أرنب في حملتها يشابه أرنب ديورسل مما رسخ أرنب ديورسل عند العملاء (كما يسموننا).
http://www.youtube.com/watch?v=qiFQsxGUQOI&feature=related
لذا وجب دائما على أي مسوق أن يضع بالحسبان النتائج المحتملة و ردود أفعالها. و أهمها أن لا يستخف بالعميل لأن لها نتائج وخيمة قد تطول مداها لسنوات أو عقود.
لقد كنت ممن بدأ بالتفكير في تغيير جميع خدمات الاتصال من الجدة إلى موبايلي. و لكن بعد إعلان البرودباند و المعركة و الدب.... آسف "موبايلك" عليك أن تبدأي معي جديد.....
و تقبلوا تحياتي,,,
الأربعاء، 16 سبتمبر 2009
التدوين ... خيار متأخر!!
أفكار تجذبني له و عوائق فكرية تصدني عنه. فهو يغرني بأحلام تدوين مشاعري و همومي و أحلامي و آرائي و مدي و جزري أو حياديتي أو على الأقل وجهة نظر قاصرة للكتب التي قرأتها.
بينما كان يصدني في الظاهر أعذار توفر الوقت و الظروف العملية و في الباطن رهبة ترجمة أفكاري إلى كلمات قد تفاجئني قبل أي أحد آخر. فكتاباتي السابقة لم تتعدى المجالات الاقتصادية أو الفنية الهندسية المرتبطة مباشرة بعملي. و لم تكن مشاعري يوماَ جزءاَ من كلماتي المدونة في حروف..
لقد تعودنا في مجتمعنا المحافظ أو المنافق أو المتجمل أن نعيش بشخصيتين.... فعندما نتحدث فكرياَ نكون ذلك الشخص المثالي الكامل الرصين المحافظ العاقل المتزن و فوق كل ذلك المتذمر من كل شيء حوله و كأنه ليس جزءاَ مكوناَ لهذا المنقود!! فدائماَ ما نرى نصف الكوب الفارغ و نشبعه نقداَ!!!
و عندماَ نتصرف كثيراَ ما نكون أي شيء عدا ما أفصحنا عنه!!! لماذا؟؟؟ سؤال يبحث عن إجابة متحركة ديناميكية تتغير مع الزمن. فكيف يفصل الفكر عن العمل بهذا الشكل و بهذا الكم؟؟؟ سؤال إجابته متضمنة في إجابة السؤال الأول.
إذا كانت المشكلة التناقض بين القول و العمل فكيف بهما ارتباطاَ بالفكر..
فالإنسان يفكر ثم ينطق أو يعمل. و له الخيار في مزامنة هذه السلسة أو جعلها شخصيات منفصلة..
هذا التناقض هو جوهر رهبتي من التدوين كما هو كامل غايتي...
و بين مد ذلك و جزر تلك... ها أنا أوقع معاهدة سلام بشروط و تنازلات...
فقد تعاهدت مع نفسي على كتابة مشاعري و فكري بصدق بغض النظر عن النظر في ردود الأفعال أو مداهنة المسلمات الفكرية السائدة و بحيادية إلى أقصى ما أستطيع عندما تقتضي...
تعاهدت نفسي بأن أكتب ما أفكر به و لا أخجل أن أقول و أعمل به متى يقتضي..
تعاهدت نفسي بأن أكتب لي أولاَ لأنني من يحتاجها و ليس غيري...
و تنازلت عن الخوف من معرفة مدى سطحية فكري أو ضحالة تفكيري عندما أعيد قراءتها مع الزمن... لأنني لن أنتقل إلى الأعلى ما لم ألم بالأسفل...
و تقبلوا تحياتي,,,