الخميس، 23 فبراير 2012

متى تفقد السلفية المحافظة صدارتها..

ناقشنا بالمقال السابق الرفق بفرسان السلفية النجدية عندما تفقد صدارتها للمجتمع السعودي. وهو ما أثار تساؤلات وتفاوت وجهات النظر مع البعض حول واقعية هذه النظرة في ضوء مجريات النظرة الآنية للساحة السعودية. قبل الدخول في التفاصيل، أود أن أوضح أنها نظرة شخصية من خلال قراءة التاريخ ومحاولة توقع مستقبل التيارات الفكرية وتطورها. ذلك من خلال تحليل دورات الفكر أقرب منه للإحصائية كالتي تستخدم في التحليل الفني لمجموعة من البيانات التاريخية.

لنبدأ بالنظام السياسي الحاكم وهو الملكية. فالملكية تاريخاً هي أكثر الأنظمة التي توفر للعامة أكبر فرصة للعيش المرفه عنه للأنظمة السياسية الأخرى متى ما كانت في قوتها وواقعية قادتها. وعادة ما تتبنى الملكية الفكر المقبول من الشعب لتجنب أكبر قدر من الإختلاف مع الشعب لضمان إستمراريتها. وقد كان المواطنين في السعودية ذو ميول محافظة في السنوات التي بدأت من بداية الملكية السعودية حتى أحداث سبتمبر. ولكن تصادمية السلفية مع الفكر العالمي السائد أدى إلى إعادة النظر في دعم التيار المحافظ وضرورة دعم تيار يساري تقدمي يوازن المجتمع السعودي في ظل الإنفتاح على العالم الخارجي.

فالتيار السلفي النجدي المتسيد لدفة القيادة في المجتمع السعودي تيار حاد لا يقبل الآخر بمرونة تضمن إستمراريته لمدة أطول من السنوات الخمسين الماضية. ومثل هذه الحدية تجعل التيار يستفذ دورته أسرع من التيارات المعتدلة. فهو يخلق العداء ويثير المخالفين بوتيرة متسارعة عندما يصل إلى قمته ويبدأ منحناه التنازلي. فكان حتميا على السياسي البحث عن حلول سريعة بإيجاد تيار يوازن القوى ويخلق مساحة فكرية للعامة لللجوء لها كبديل جاهز. 

وكان الخيار هو التيار الليبرالي السعودي  كحل آني مستعجل. ليكون نتاج ذلك الصراع الفكري الحالي الذي نعيش مشتتين في رحى معركته. فكما لقننا التاريخ، مادام هناك توجه سياسي قوي، سيؤدي الصراع حتمياً إلى تنامي مؤيدي التيار الجديد في الناظر القريب على حساب الفكر المحافظ السائد. حتى يفوق عدد العامة ذوي التوجه الأكثر يسارية عدد مؤيدي التيار المحافظ القديم في السنوات العشر القادمة. 

قد تكون هذه النظرة جريئة للبعض المحافظ، ولكن عمر التيارات الفكرية حقيقة يضعف حجة مخالفيها كلما أمعنا النظر في التاريخ الإنساني ولا بد، في نظري، إعتبار النظرة الشاملة في نقدنا للساحة الفكرية.