الخميس، 12 نوفمبر 2009

بتجرد.. حالة زيد

نشأ زيد في بلدة جبلية صغيرة وفي مجتمع اتخذ من المذهب العقائدي والعادات والتقاليد السائدة أحكام يعيش على ضوءها ويدندن حولها. لم يكن له طموح أكبر من أن يعيش في مستوى مدني يتناسب مع ما من الله عليه في أرضه ساعياً لطلب الرزق من خلال ماشيته المتواضعة وبفهمه وتفهمه لجيرانه وإخوانه من خلال ما تعلم من معلمه الذي كان يقود القرية الجبلية.

ولكن ثورة بعض إخوانه على معلمه وتسلمهم زعامة القرية، انتقصت بعض من حقوقه العقائدية حسب رأيه. و أمر من ذلك، سلبت بعض حقوقه المدنية المتواضعة أصلاً. فما كان منه إلا أن لجأ إلى زعماء المدينة البعيدة الذين مدوا له يد العون في الظاهر رغم إضمار نصرت عقائدهم بإيجاد أتباع جدد تتقاطع معهم بالمصالح وشيء من العقائد رغم أن عقائد زيد أقرب لإخوانه منها لهم.

فاستغل زعماء المدينة البعيدة ذلك الانتقاص في الحقوق ليكون مدخلهم للتأثير على عقائد زيد لتحقيق أهدافهم المبطنة. فأمدوه بالمال لفينة من الزمن حتى يعتمد عليهم ولا يستطيع أن يعود لسابق معيشته البسيطة. فما كان منهم إلا أن بدءوا بفرض آراءهم عليه ليثور على إخوانه. فمدوه بالسلاح والعتاد لاستعادة بعض حقوقه المغتصبة مما قاد إلى معارك عائلية دامية خسرت على ضوءها قريتهم العديد من الأرواح والأنفس والأموال الشحيحة أصلاً.

ومع انتشار رقعة المعركة، لقوة إخوانه النسبية واستمرار دعم زعماء المدينة البعيدة، لتصل إلى حدود القرية المتاخمة للمدينة القريبة. ورغم أن هذه المدينة القريبة قد استقبلت ودعمت معلمه عند تهجيره من قبل إخوانه، إلا أن غبار المعركة أصاب بعض سكان المدينة القريبة مما أثارها عليه لتدخل المعركة بقوتها وعتادها فاختلط الحابل بالنابل وصار زيد في موقف من يدافع على أكثر من جبهة مع أكثر من أخ.

حزن زيد على فقده لأبنائه وعدم الاستفادة من أموال القرية البعيدة لتحسين مستوى معيشته وحزن إخوانه لتقويض سيادتهم وحزنت المدينة القريبة لاجترارها لمعركة لا ناقة لها فيها ولا جمل. كما فرح زعماء المدينة البعيدة لخدمة هذه المعركة لأهدافهم غير المعلنة، بتورط المدينة القريبة المختلفة فكريا معهم، بالمعركة.

وفي النهاية، لم يجد زيداً خلاصاً لمشاكله ولم يربح أخوانه سيطرتهم وغاصت المدينة القريبة في حرب استنزاف وتشتت وربح زعماء القرية البعيدة بدعم أهدافهم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق