السبت، 26 سبتمبر 2009

القراءة... المتعة المضاعة

كثيرا ما يجترني حملي لكتاب في الآماكن العامة أو الاجتماعية إلى مناقشة حول القراءة بشكل عام و ظاهرة العزوف شبه الجماعي في مجتمعنا العربي بشكل عام و السعودي بشكل خاص. حيث يأخذنا الجدال في مسار ثابت تقريباً، بدأً من اقرار الطرف الآخر بأهمية القراءة في تطور ثقافة الشعوب ثم حال الشعوب المتقدمة و إحتلال القراءة لجزء مهم من حياتهم اليومية مما يضمن استمرار تقدمهم الفكري إلى ذكريات المراهقة في متعة قراءة روايات اجاثا كرستي و القصص القصيرة ثم المحاولات الغير ناجحة لقراءة مجموعة الكتب الذي اشتراها (من جرير في الغالب) بسبب صعوبة الالتزام بقراءة عدد كبير من الصفحات و ظاهرة النوم عند الامساك الكتاب فختاماً الإستسلام (ما شاء الله عليك.. ودي بس ما الله عطاني!!).

في رأيي تكمن المشكلة في الفهم القاصر للقراءة على أنها وسيلة للتعلم و الثقافة المجردة و عدم الاحساس بنشوة متعة القراءة مما يجعلها، خصوصاً ببداية الصداقة مع الكتاب، صعبة و عسيرة على القارىء. حيث يجب أن تعد القراءة أولاً متعة مجردة بحد ذاتها مثلها كمثل مشاهدة التلفاز أو حوار ممتع مع الآهل و الاصدقاء يوقظ جميع الجوارح و الأحاسيس. مما يجعلنا نتطلع إلى الوقت الذي نفرغ به إلى كتابنا بدلاً من عد الصفحات المتبقية في كل مرة نفتحه. فالوقت بمحوريه إما يكون ثقيلاً كمدة طيران رحلة في مهمة عمل نتطلع خلالها على الساعة كل خمس دقائق متمنين تقديمه مثل شريط الفديو أم ممتعاً لا نود إنقضاءه عندما نكون في المكان و الزمان الذي نستمتع به مختلسين النظرة الى عداد الزمن ايضا و لكن متمنين ايقاف تسارعه. فكيف لنا أن نجعل القراءة أبعد ما تكون عن المحور الأول متغلغلة في محور الزمن الممتع!!؟؟
الإجابة لدي ببساطة، هو قراءة ما نحب و نستمتع بقراءته لا ما نحتاج و لا نطيق!! فعندما تقرأ ما تحب "حقاً" لن تعد صفحات الكتاب مثلما تتطلع لساعتك في رحلة العمل. و هذا يقودنا إلى فكر و طريقة إختيار الكتاب الذي تحب.

دائماً ما تكون البداية هي الأصعب. فأولاً كيف نتعرف على ما نحب؟ تختلف الإجابة من شخص لآخر حسب الميول و الاهتمامات. فما يناسبني الآن قد لا يناسبك الآن أو حتى في الغد. و ما يمتعك قد أجده مملاً. لذا لن يجيب على السؤال بالشكل المناسب غير الشخص المعني. و لكن غالباً ما تكون القصة أو الرواية أو التاديخ مواضع اهتمام مشترك في جل فترات العمر و يتبقي اختيار الموضوع و الاسلوب الذي يمتع المتلقي.

عندما نتعدى البدايات يصبح الامر أسهل. حين تنمو مهارة القراءة و معها مهارة اختيار الكتب المناسبة. حتى نصل إلى مرحلة نستطيع بها أن نحكم على مدى متعة قراءة كتاب ما خلال ثواني من رفعه من على درج المكتبة أو عندما يأتي ذكره في الكتاب الذي نطالعه. حينها فقط، و عندما يصبح الكتاب جزء من حياتنا، نستطيع قراءة ما نحتاج بملل اقل و بمتعة اكبر فنطور ثقافتنا و فكرنا لنساهم في بناء أمه تسمو بسمو أبناءها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق